responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 117
ذوي العقول مرحوما، وكان لديهم في القياس مظلوما. [وقد قال بعض الأعراب: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحساد: نفس دائم، وقلب هائم، وحزن لازم] والحاسد مخذول وموزور، والمحسود محبوب ومنصور.
والحاسد مغموم ومهجور، والمحسود مغشيّ ومزور.
والحسد- رحملك الله- أول خطيئة ظهرت في السّموات، وأوّل معصية حدثت في الأرض، خصّ به أفضل الملائكة فعصى ربّه، وقايسه في خلقه، واستكبر عليه فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ*
، فلعنه وجعله إبليسا، وأنزله من جواره بعد أن كان أنيسا، وشوّه خلقه تشويها، وموّه على نبيّه تمويها نسي به عزم ربّه، فواقع الخطيئة، فارتدع المحسود وتاب عليه وهدى، ومضى اللعين الحاسد في حسده فشقي وغوى.
وأما في الأرض فابنا آدم حيث قتل أحدهما أخاه، فعصى ربّه وأثكل أباه. وبالحسد طوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين.
لقد حمله الحسد على غاية القسوة، وبلغ [به] أقصى حدود العقوق، فأنساه من رحمه جميع الحقوق، إذ ألقى الحجر عليه شادخا وأصبح عليه نادما صارخا.
[5- راي الحاسد في المحسود]
ومن شأن الحاسد إن كان المحسود غنيّا أن يوبّخه على المال فيقول:
جمعه حراما ومنعه أثاما. وألّب عليه محاويج أقاربه فتركهم له خصماء، وأعانهم في الباطن وحمل المحسود على قطيعتهم في الظاهر وقال له: لقد كفروا معروفك، وأظهروا في الناس ذمّك، فليس أمثالهم يوصلون، فإنهم لا يشكرون. وإن وجد له خصما اعانه عليه ظلما، وإن كان ممن يعاشره فاستشاره غشّه، أو تفضّل عليه بمعروف كفره، أو دعاه إلى نصرّ خذله، وإن

اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست